بسم الله الرحمن الرحيم

” الإمام الحسين وصناعة التضحية “

*********************

في ضل الاجواء الاسلامية المقدسة التي نعيشها هذه الايام في اربعينية امام التضحية والفداء (عليه السلام) تلوح في ذهني ابيات من الشعر في رثاء شيد الشهداء اذ يقول الشاعر:

قدمت وعفـــــــــــوك عن مقدمي     

                           حسيـــــراً أسيرا كســـــــيراً ظمي

   قدمت  لأحرم في رحبتيك        

                                      ســــــــــــــــلام لمثواك من محرم

       فمذ كنت طـــــــفلاً رأيت       

                      الحسين مناراً إلى ضـــــوءه انتمي

ومذ كنت طفلاً وجدت الحسين  

                        مــــــــــلاذاً بأســــــــواره احتمي

سأطلع ثغري على موطئيك 

                    ســــــــــلام لأرضـــــــك من مُثلم

…………………

      أن الإنسان عندما يعيش أجواء التضحيات، قد لا يتأثر في اليوم الأول، لكن التأثير يزداد شيئاً فشيئاً حتى يتحول الإنسان نفسه إلى مشروع تضحية، ولا تعني التضحية أن الإنسان يذهب ويقتل في ميدان المعركة،إن هذا شكل من أشكال التضحية, وربما لا تتطلب كل الظروف مثل هذا الشكل, فقد يؤلف مفكر كتاب في أوقات الظلم والجور فيتحدى الحاكم الظالم هو تضحية أو بيع داره من اجل أن ينشر كتاب حول الإمام الحسين ( عليه السلام) فهو تضحية أو تبيع امرأة مصوغاتها الذهبية لطبع كتاب حول أمير المؤمنين.

وهنالك كلمة يعبر عنها بعض العلماء، وهي كلمة جميلة يقولون فيها ” إن بعثة الأنبياء ( عليهم السلام) كانت لهدفين، الأول إيصال جوهر العقل إلى مرحلة الكمال النظري، والثاني إيصال جوهر الإرادة إلى مرحلة الكمال العقلي”  قال تعالى ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) صدق الله العلي العظيم.

إن قضايا كربلاء وقضايا عاشوراء تخلق روحية التضحية والإيمان، وإن من حفظ إيمان المؤمنين في العراق خلال ثلاثين عاما هي روح عاشوراء وروح سيد الشهداء.

إن هذا المستوى من التضحية يصل الذين يعيشون في ظل تربة سيد الشهداء ” عليه السلام” ويكونون في تماس مع هذه القضية، إنهم يتعادلون فوق الألم ويصلون إلى مستوى التضحيات الكبرى، وحتى إذا تطلب الظرف أن يتحول الإنسان إلى مشروع تضحية، فلا مانع عنده، فيجب علينا أولاً أن نصوغ أنفسنا هذه الذكرى العظيمة، فالتحول أو القدرة على التحويل لم تكن خاصة بزهير أبن ألقيس العثماني الذي تحول إلى علوياً وحسينياً, ولا تقتصر على وهب الذي كان مسيحياً وإذا به يحول إلى من يشمله قوله (عليه السلام) ” لا اعلم أصحابا أوفى ولا خيراً من أصحابي”  ولا تقتصر على الحر الذي كان من قادة الجيش الأموي إذا به يتحول إلى تائب تذهبون إلى قبره وتقولون …. ” بأبي أنت وأمي ” …. فهذه القدرة موجودة في نهضة سيد الشهداء ( عليه السلام) وفي عاشوراء حيث يمكن أن تحول كل واحد منا، هذا ما يجب علينا استلهامه أولا.

د. وسن حنون علي

أستاذ مساعد

كلية التربية الرياضية

10/1/2012

Comments are disabled.